قصة قصيرة:
عربة اسمها الزمن..
استمسك (عبد الحق) بكلتا يديه بنهايتها من الخلف.. ذلك الصندوق المعدني الصلب.. وهي تعدو بسرعة.. تجره على أرض وأرض.. فحين
ترتطم قدماه بحجارة الأرض.. وأحيان تُسحلان فوق أخرى يابسة ملساء.. وهكذا دواليك بين نوع وآخر.. وهو يتأذى.. لكن الذي كان يؤلمه أكثر على غير ما قد يتوقعه أحد أن العربة كانت مسرعة لتصل إلى مستقرها في موعد حُدد سلفاً..
وازداد ألمه الجسدي - ونُكأت جراحه أكثر- من فرط السرعة التي أخذت تعدو بها العربة صوب الهدف!
-
يا إلهي! لطفك يا ربي!
كان (عبد الحق) يعلم أنه ما إن تستقر العربة فلسوف تصعد روحه إلى بارئها.. لم يكن مهما عنده إلا أن يفعل ما يستوجب له المغفرة.. وقد تعلق بتلابيب الوقت الذي راح ينفذ من بين أصابعه، لعله ينجز بعض الصواب.. بيد أن سرعة انقضاءه كانت مخيفة.. وارتعب قلبه بعدما أيقن أن سرعة الزمن صارت فوق طاقته.. وارتعدت فرائصه فاستسلم، خائر القوى، ثم تباطأ الوقت، فاندهش، وسؤال واحد يتردد في دهاليز عقله:
-
لما الآن؟
يبدو أن ترجٍ قُبل منه فحلت البركة.. بل
وصار بإمكانه انهاء بعض الأعمال العالقة.. وهكذا أشرق الأمل في سويداء نفس (عبد الحق) من جديد، بينما داعبت ابتسامة رقيقة شفتيه في نعومة كعذراء تنتظر فض الخاتم ليلة عرسها المجيد!
(الاسكندرية في 10 ديسمبر 2024م)