أفة الإنسان: حين يأمر فلا يُطاع!
أنا شوفت من البشر كتير وقليل، حلوين ووحشين، طيبين وشريرين، أوفيا وغدارين، بس مشوفتش زي النوع ده.. وهو نوع ساكن في أعماق كل شخص فينا تقريباً، وبيطلع من جوه لبره في الوقت المناسب.. بالذات تحت ضغوط معينة.. وبيختلف رد فعل كل واحد حسب نوع الضغط ده ومقداره وتوقيته.. أنا بقصد بصراحة شديدة عن عنف الإنسان ورد فعله القاسي لما يُعصى.. يعني لما يحس إن إللي تحت إيديه - أياً ما كانوا وفين ما كانوا - بعدم الطاعة في أمر من الأمور، أو طلب من الطلبات.. هنا بتلاقي وشه إكفهر واتنفخت خدوده واتموجت حواجبه وكبرت مناخيره وازرقت شفايفه وطرطقت ودانه فجأة.. وبعدين يقوم منفوض من مكانه.. وهوبا.. يعلنها حربا شعواء وفي كل اتجاه.. ويا ويله صاحبنا إللي الحرب دقت طبولها عليه!
ممكن جداً أن يكون الغاضب ده له حق في الغضب، بس ممكن بردو إن نوع الغضب وشدته يكون مبالغ فيهم جداً جداً.. وده في حد ذاته بينقله من حيز المظلوم - أحياناً - لحيز الظالم.. للأسف! أز بلغة ألطف بيحوله لإنسان متعصب.. قاسي الطبع.. متحجر القلب.. فظ.. صعب العشرة.. والمثير في الموضوع ده، إنه ممكن يكون مسئول عن الشخص المغضوب منه.. فيقوم يمنع عنه كل أنواع العطاء.. بل بيذله ويقعد يمن عليه كل حاجة حلوة عملهالوه.. يعني بيهلهلوه.. وبينسى كل معاني الرحمة، ونداءات الصفح والعفران!
فمثلاً؛ الأب والأم - في
معظم الأحوال - لما بيغضبوا على حد من أولادهم إللي مبيسمعش الكلام أول حاجة بيعملوها
إنهم بيهددوهم بقطع كل أنواع الإمدادات وقفل بوك الكرم ومحفظة العطاء.. وفيهم إللي
بيتراجع بعد ما بيهدا.. لكن فيه بردو إللي بيسوق فيها ويبالغ.. يمكن كمان بيلاقيها
فرصة ممتازة لترشيد الانفاق!
فيه حدود لكل إنسان..
وفيه جدود لكل شيء وتصرف.. لو الحدود دي حد كسرها واتعداها هنا بتحصل المشكلة.. حتى
حق الغضب له حدود.. ولو الغاضب اتعداها بردوه بتحصل مشاكل تانية كتير.. فمثلاً؛ هل
بصح إن الابن يرد بوقاحة على أبوه أو أمه فالواحد فيهم في الحالة دي يقرر أنه يجرد
الابن من كافة المزايا ويذل فيه لحد ما الابن يكره إللي بيعمل فيه كده؟
ومننساش إن "الرحمة
فوق العدل".. فلو الرحمة اتنزعت من العدل الحق هيرجع لصاحبه صحيح بس
هيتولد مع كده قسوة هتتسبب في غضب جديد بس م الطرف إللي كان غلطان في الأول.. وأكم
من أهالي كل ما يحصل بينهم وبين حد من ولادهم سوء تفاهم.. مش مشكلة ولا حاجة..
مجرد سوء تفاهم بسيط.. بيمنعوا عنهم العطاء على طول.. وإللي بعضه ممكن يكون أساسي
لحياتهم.. يعني نقدر نقول عليه مساعدة منهم لولادهم دول على معايش الحياة وظروفها
الصعبة.. فهل ده ينفع؟!
الملفت في الحالة دي إن الغاضب بيكون شخصية قماصة.. وتزعل من الهفوة وبتغضب
من الصغيرة قبل الكبيرة.. وبتخلي حياة اللي بتغضب منه نكد في نكد.. وده - على
الجانب التاني - لازم يخلينا نسجد شكر لله عز وجل لإنه بيصبر علينا جدا وبيعطينا
رغم أخطاءنا ومعاصينا ولو شاء لهد الدنيا فوق دماغنا، لكن عقابه لينا حتى مع طول
وتكرار المعاصي مغلف بالرحمة.. حقيقي، شكراً ليك يا رب العالمين.. يقول الحق
سبحانه وتعالى: "وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا
تَرَكَ عَلَىٰ ظَهْرِهَا مِن دَابَّةٍ وَلَٰكِن يُؤَخِّرُهُمْ إِلَىٰ أَجَلٍ
مُّسَمًّى ۖ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيرًا"
(سورة فاطر: أية 45).. ومن هنا حابب أنبه نفسي والجميع للآتي:
-
إعطي كل ذي حق حقه.. بغض النظر هو أعطاك حقك
ولا لأ.. وفي هذا الصدد يقول الله عز وجل: "يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ ۖ
وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىٰ أَلَّا تَعْدِلُوا ۚ اعْدِلُوا هُوَ
أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا
تَعْمَلُونَ" (سورة المائدة: آية 8)
-
لا تغتر بمالك.. ولا بصحتك.. ولا نفوذك.. أبداً..
-
744 752
-
حط نفسك مكان المغضوب عليه شويه.. ودور له
على أعذار يمكن تلاقي إللي يهديك منه شويه..
-
خلي عقابك منطقي.. ورحيم.. متموتش في نفس
المغضوب منه مشاعر طيبة وحاجات جميلة بيكنوهالك.. بس أحيانا الرعونة أو الكسل أو
ضغوط الحياة بتخليهم يغلطوا في جنابك! ولو ماتت فيهم المعاني دي وحسوا بغلظتك
المتكررة وقسوتك في ردة فعلك هتبقى بالنسبة لهم مجرد ورقة بنكنوت ليس إلا!
-
وإنت يا بني إنت وهو.. وإنتي يا بنتي إنتي
وهيه.. لموا نفسكو شويه.. وبلاش استفزاز لآباكم وأمهاتكم.. وإللي في مقامهم.. وعلى
رأي المثل: خفوا، تعوموا.. في النهاية كلنا في مركب واحدة.. يعني ابن النهاردة هو أب
بكره.. وبنت اليوم هتكون أم بكره.. وبعد بكره يكونوا أجداد وجدات وحموات كمان..
وداين تدان..ولا آيه.. لا أراكم الله سبحانه وتعالى مكروه ولا غلظة أبداً.
والسلام على جناح المحبة أحلى ختام،،،،
(تمت)