الحقيقة

 أرخيت جسدي.. أغمضت جفني.. رأيتها: عارية.. فاتنة.. مجردة..

نهضت إليها.. اقتربت منها.. تأملتها في صمتٍ ودقة.. درت حولها دورتين أو ثلاثة، لم أعد أذكر بالضبط كم دورة أتممتها.. حاولت الإلتصاق بها، لكني فزعت.. هرعت قدُماً للفرار،  لكن صوتها العذب استوقفني حلاوته.

قالت ملاطفة:

-      إنى لك.. لا تهرب..

-      لكني!

-      لاتجبن مثل كثيرين..

-      ولكني..

-      لا تخشى.. تعالى.. تعالى..

تراجعت أقدامي إلى الوراء.. لازال صوتها الرخيم.. يلح في استمالتي.. تراجعت أكثر فأكثر.. اقتربت منها حتى أن الهواء العابر بين جسدينا لا يكاد ينفذ من موضع الإلتقاء.. حدقت فيّ عينيها.. رأيتهما رائعتين على غير ما توقعت.. احتضنتها في شراسة ونشوة.. أطبقت عليها كأنما قد وجدت ضالتي بعد بحث استهلك كل عزيمتي غير حفنة أحملها الآن في  كف العناد!

قبلتها في حماس ولهفة.. لكن.. حدث مالم يدر بخلدى حدوثه.. لقد شعرت بمرارة.. مذاق لاذع به حدة الصبار الذي فطُمن عليه.. وأني كلما قبلتها شعرت بنفس المرارة تكسو فمي.. بل تكاد حدتها أن تزيد!

من هول المفاجأه انتفضت باعداً.. مرتعداً.. غير أن صوتها المغرد عاد يردد في إيقاع رخيم:

              - لا تخف.. فمرارتي سر حلاوتي..

من مجموعة (سريالية.. بعضها من بعض) القصصية

(المنصورة في ديسمبر 1993م)

تعليقات