هل كان اللئيمُ يوما كريما؟

اللؤم كان - ولا يزال-  طبع منفر وخصلة مستهجن صاحبها، إذ ليس بينه وبين الناس أي وصل أو تواد.. وقد لا يبدو لك اللئيم من الوهلة الأولى في هيئته المعيبة، بل قد يتخفى جيداً في صورة "الكرام" حتى يبلغ "المرام"؛ ذلك الذي عقد عليه نيته وأعد له عدته.. ثم تراه وكأنك لم تره من قبل؛ إنسان ناكر لصنائع المعروف التي فيه فُعلت.. متمرد على العرف والأصول.. يخترع لنفسه منهاجاً باطلاً في الحكم على الأمور، وقانوناً شاذاً عند الاحتكام إلى المنطق السليم.. والسلوك السوي بعيد - كأيما يكون البعد - عن سلوكه، حتى من فرط استعماله لضده صار يُنعت به، فيقال عنه إن حل أو غاب (شخص غير سوي).. فمقته الأسوياء، ونفر منه الغرماء،  وتجنبه الغرباء.. لكنه - وإنه لأمر مؤسف - لا يعنيه أحد سوى ذاته ولا يلوي على مكرمة.. إذ كل همه ما فيه مصلحته المنزهة عن الضرر.. حتى ولو بالآخرين ألحق الضرر.. ويجد مرضاته دائما في أي شيء يحصله لا في أثر يتركه أو شعور طيبا يخلفه لدى الآخرين كي تهتز له - كأي امرؤ على خلق أوشاجه، وتتصل روحه بحبل الود والتحنان مع نظائره من بني آدم.. وغالباً ما تجده بخيلاً ممسكاً عن أي منفعة.. ينتفع ولا ينفع.. ينشط ما كانت له فائدة، ويركن إلى الدعة متى طُلب منه الأداء.. كثير اللجج، كثير الخصومة، لا يهدأ له بال ،إلا إذا انتصر على غريمه، ولو بالباطل والمحال.. واللئيم دائم التخطيط والتحايل.. وموصول بالمؤامرة الكونية الكبرى.. فهو جزء أصيل من أي حدث غريب، ومن أي حديث مستفز.. ثم هو يرد الإساءة دوما بالإساءة، بل ويزيد.. وقلما تلمس فيه تسامحاً وإحساناً.. بل ويتباهى بكونه لا ينسى، ولا يغفر.. ولله در أبي الطيب المتنبي حين نظم قائلاً: إذا أنت أكرمت الكريم ملكته ***** وإن أنت أكرمت اللئيم تمردا

تعليقات